بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ،
من بين المفاهيم المفسّرة لكلمة العادات والتقاليد ، نجد بأنها عبارة عن مجموعة من الأنماط والسمات الثقافية ، التي تشمل التراث ، والقواعد والقوانين و أنواع السلوك المتنوعة التي يفرضها المجتمع السابق على خلفه اللاحق ، مع العلم أنها تتعرض عادةً لبعض التغيُيرات كاللباس و المعيشة ، كما يمكن تعريفها بأنها مجموعة من الأنماط الثقافية المختلفة و المتنوعة التي تركها لنا الجيل السابق كتراث اجتماعي .
ـ في البداية أود أن أقول بأنّ الكتابة في مجال العادات و التقاليد ، لأي بيئة اجتماعية كانت ، يتطلب الإلمام بمعلومات كثيرة و إقامة دراسة أكاديمية سوسيولوجية بأتمّ معنى الكلمة ، و هو ما نفتقده ،لكوننا نفتقد إلى التخصص المطلوب.و لكن كانت رغبتنا في تدوين بعض العادات لعلّها تفيد طالبيها ، كما سنذكر الأشياء على شكل حكايات ، مع التركيز على أسماء الأشياء كما هي ، لعلها تفيد في إنجاز دراسات في المستقبل .سنتعمّد سردها كما هي باللسان الدارج الفصيح أو الهجين أو المستعرب و غيره .
و ربما تفيد في طبيعة معيشة السكان و نمط حياتهم بصفة عامة ، و ربما لا يصلح لها مصطلح عادات و تقاليد ، فيمكن اكتشاف جزء من الفلكلور العام للبلدية .
بيضاء برج منطقة تابعة لولاية سطيف ، لها حدود مع ولاية باتنة يغلب عليها النمط البدوي الريفي ، مزيجاً بين السكان القدامى وعرب التلّ والرّحالة العشّابة مع مسحة خفيفة للطابع الأوراسي . نستنتج من ذلك بأنّ النمط المعيشي كان ولا يزال في أغلبية جوانبه مستوحي من نمط معيشة سكان الهضاب العليا أساسًا .
وبما أنّ بيضاء برج منطقة رعوية بالأساس ، أدى بالسكان إلى الاعتماد في معيشتهم على تربية المواشي من إبل في السابق وغنم وماعز وخيول وبغال وأحمره ثم بقر، في اللاحق . وحرث الصالح من المساحات شعيراً أو قمحًا .وأكلتهم لا تخلو من مادة الحليب أو اللبن أو الزبد أو الدهان الحار أو الكليلة . ويقايضون بالشعير أو القمح ، التمر والحلفاء والدباغة والملح و التمر المعجون [ الغرس ] و المثنان و البرادع و أفرشة الحلفاء ، مع الباعة الجوّالة على ظهور الإبل الوافدة من جبال ولاية باتنة سالكين طريقاً ريفياً يؤدي إلى منطقة حمام السخنة .كما يقايضون بالشعير أو القمح أو الصوف أو جلود الحيوانات أو بيض الدواجن ، مع الباعة المتجولين على ظهور البغال و الأحمرة القادمين من جهة الجنوب سالكين عدة طرق منها طريق زراية تربط بين المنطقة و – القبائل الكبرى و القبائل الصغرى ـ ، ما نضج من الفواكه الموسمية من التين و التين المجفف و الفرماس أو المشمش المجفف والتين الشوكي والخرّوب والزيوت والتوابل و الصابون و الشبّ و الفلفل اليابس و القطران ، و أدوات الزينة كالعطر و المرية و الكحل و السواك و شراك السبسب و كذلك الحلوى ...... و هي سلع توضع في التليس أو الشواري أو الغرائر بحسب وسيلة التنقل و السلعة المتوفرة . كما كان بعض السكان يقوم بهذه المهمة أيضا ، فيذهب أو يقايض ما عنده من غلّة و أنعام خاصة مع سكان جهة القبائل .
ـ كان السكان يذهبون إلى سوق الثلاثاء الزاخرة و الكبيرة التي كانت بيضاء برج تفتخر بها على باقي المدن المجاورة لها، إذ أنشئت هذه السوق في نهاية العشرينات من القرن العشرين الميلادي، حيث أنّ سهول البلدية و هضابها البسيطة ، تعدّ ثروة غنية بالشعير و القمح اللين ، يستفيد منها و يستثمرها المعمِرون أو الكولون القادمين من جزيرة كورسيكا و جنوب إيطاليا و مالطا و فرنسا و اسبانيا ،و حتى دروز ....
ـ كانت أراضيها حقلا خصباً و مرعى لآلاف الرؤوس من الماشية و الغنم ، و مازالت ، و لم تيأس لأن أهلها يحملون صبر الأرض ، و عمق الجذور و أمل الغيث و عذوبة المياه.يتطلعون كل عام إلى حبّ الحصيد و العولة و صحة الماشية ،كون هواء المنطقة و اتساعها يشكل مناخا مساعدًا لتربية المواشي .رغم قول العارفين في الحرث و الغلّة بأنّ تراب بيضاء برج إن أصابه ريح الجنوب و ضربَه الجفاف ، فإن ّ الأرض تتحول إلى شبح حزين و صامت ، فتتحوّل الأراضي إلى مراعٍ للماشية لا للحرث . هذه العوامل الطبيعية ساعدت على إنشاء سوقًا له سمعة وطنية .
ـ أنشئت السوق لتكون تجمعاً كبيراً للمنطقة بأسرها ، للماشية و مصنوعات الحلفاء و أدوات الفلاحة التقليدية كالمنجل و الغولية و السكّة و القفف و المذراة و اللوح و الشبكة و الشِّكال و المشط و الممشاط و غيرها ....مثل الشريط، و التزود بأنواع التمور و شحم البقر و البعير و الماعز و لحم الجعوط و الجديان و غيره مثل الضأن .كما كانت السوق ملتقى للسكان البلدية .و سكان بلدية بيضاء برج يسافرون إلى أسواق المدن المجاورة على مدار أيام الأسبوع.
ـ فيوم الجمعة : سوق أم العجول و عين ازال
ـ ويوم السبت : سوق سبت بن غزال الذي تسمىّ اليوم عين جاسر
ـ ويوم الأحــد : سوق العلمـــة
ـ و يوم الاثنين : سوق سطيف
ـ و يوم الثلاثاء : سوق تاجنانت و بيضاء برج
ـ و يوم الأربعاء : سوق رأس العيون و بريكة
ـ و يوم الخميس : سوق خميس الأشراف أو المسيل . و كذلك عين ولمان
ـ يذهبون إلى الأسواق بالمبيت لبعد المسافة ، حسب ذلك الوقت ، و كانت وسيلة النقل لدى السكان إلى المناطق المجاورة و الأسواق هي الخيول و البغال ، بها يتباهون ويزينون بها أعراسهم حيث يقيمون (مشاوير السابوق ).و هذه بعض الصور التي تعكس عادات وتقاليد أهل منطقة بيضاء برج , منها ما اندثر ، متأثرا ً بنمط الحياة الجديدة ، ومنها ما لا يزال قائمًا يمارس عند بعض العائلات .
ومن عادة نساء المنطقة ، أنه بعد جز صوف الأغنام ،تأتين إلى قلتة الإبل لغسلها ، و عادة ما يكون ذلك في شهو الصيف ، لتكون على أهبة الاستعداد في فصل الخريف لتنسج مناسجها. كما نسجّل قيام بعض سكان البلدية بهواية الصيد في بعض جبال المنطقة.
المحافظة على الدِّين و الاحتفال بالمواسم
كباقي سكان المناطق الأخرى ، كان السكان يعلّمون أبناءهم تعاليم الدين الإسلامي ، بداية بحفظ و تعليم القرآن الكريم للبنين و البنات ، فقد كانت الأسر الميسورة الحال ، تخصص مكاناً لتعليم أبنائها على يد أحد معلمي القرآن الكريم الذي يسمى ـ الطالب ـ بحيث يتعلمون منه زيادة على حفظ القرآن الكريم ،إقامة الصلاة و صوم رمضان ،وتعلّم المبادئ الإسلامية كشعائر الزواج و المأتم و إقامة الصلح بين الأفراد ، وحقوق الجيران ، و رسم و رصد الكتابة و الحساب العام أو ما يعرف في ذلك الوقت بـ الغباري و الأناشيد الدينية و المديح .
ـ كان في كل دُوّار ـ جامع صغير لتعليم القرآن الكريم ، و تمارس هذه المهنة المقدّسة و النبيلة ، خِلسة على سلطات الاحتلال ،التي كانت تمنع ذلك .و في كل مساء ، يقوم الطلبة أوـ القدادشة ـ بتكرار القرآن الكريم ، و تجويده حتى يبقى في الصدور .و في بعض المناسبات تقرأ قصيدة البردة ، فكثيراً ما تسمع القدادشة يرددون :
مولاي صلّي و سلّم دائما أبدا على حبيبك خير الخلق كلهمِ
أمن تذكّر جيرانٍ بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلة بدمٍ
أم هبّت الريح من تلقاء كاظمة و أومض البرق في الظلماء من إضم
...... الخ كما ينشدون ، أنشودة تمجّد القرآن الكريم ، و مطلعها
خير ما يُتلى و ما يُقال .... و خير ماينفق فيه المال
تلاوة القرآن عند الناس ...كذا روى أهل القياس ........
الجمعة 09 فبراير 2024, 09:48 من طرف rochdi claw
» موقع سهل للربح من الأنترنيت
الأحد 07 أغسطس 2022, 17:59 من طرف rochdi claw
» المدينة الأثرية جميلة (كويكول ) بولاية سطيف،الجزائر،مدينة رومانية
الأربعاء 18 مايو 2022, 07:46 من طرف rochdi claw
» فيديو نادر لتساقط الثلوج ببيضاء برج 2014
السبت 07 مايو 2022, 09:39 من طرف rochdi claw
» أيمن الحربي عضو جديد
الثلاثاء 01 سبتمبر 2020, 17:23 من طرف rochdi claw
» موقع لربح المال عن طريق اختصار الروابط ( يدعم وسائل الدفع الجزائرية )
السبت 29 أغسطس 2020, 08:15 من طرف rochdi claw
» تحميل كتاب الإقناع فن الفوز بما تريد pdf
الأحد 19 أبريل 2020, 12:31 من طرف مونية
» فوائد ورق الزيتون و طرق استخدامه
الأحد 19 أبريل 2020, 12:29 من طرف مونية
» موقع جزائري لربح المال من الأنترنيت
الأحد 05 أبريل 2020, 11:32 من طرف rochdi claw